القرار بحاجة إلى 5 سنوات من التطبيق حتى يصل إلى النضوج والاستقرار
سبق أن طرحنا تحقيقًا شاملاً عن موضوع ضريبة القيمة المضافة، ولا ضرر أن نقرع قلوب المواطنين مرة أخرى بمطرقة مسننة قليلاً، ونعيد تعريف هذه الضريبة التي ستعصف بنا عاجلاً أم آجلاً. ضريبة القيمة المضافة هي نوع من الضرائب التي تنطبق على جميع السلع والخدمات، فيما عدا السلع الاستهلاكية التي لم تتضح بعد ملامحها.
ويتم عادة تقييم ضريبة القيمة المضافة وجمعها على قيمة السلع أو الخدمات التي تم تقديمها في كل مرة يكون هناك معاملة (بيع / شراء)، وبما أن العديد من المؤسسات في المملكة لم تتكون لديها فكرة واضحة عن كيفية تشغيل نظام ضريبة القيمة المضافة، أقامت جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية ورشة بعنوان (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وضريبة القيمة المضافة)، وذلك بالتعاون مع شركة (كي بوينت).
البحريني غير مستعد:
وفي هذا الشأن، صرح رئيس مجلس إدارة جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية، د. عبدالحسن الديري، لـ (أخبار الخليج) قائلاً البحريني بشكل عام والمؤسسات بشكل خاص لم تأخذ الموضوع بشكل جدي حتى الآن، ويجب أن ياخذ هذا الموضوع حيزا أكبر مما هو عليه الآن.
وأضاف الديري على هامش الورشة، أن ضريبة القيمة المضافة سوف تمس كل مواطن وكل شخص في المجتمع، حتى الابن الذي يعتمد على مصدر رزقه من والده سوف يتضرر، وبالتالي هي ليست كباقي الضرائب المرتبطة بالدخل، بل بالمصروفات.
وفيما يخص تصريح وزير النفط، بأنه من الممكن أن تطبق الضريبة على المحروقات والوقود، قال الديري إن ذلك سيؤثر بشكل كبير على المواطنين، مشيرًا إلى أنه لو نظرنا بعين الاعتبار الى الدول المجاورة، فإن هذه الضريبة تخضع حتى على الخدمات التعليمية والصحية، حتى استدعى الأمر إصدار قرارات ملكية لإعفاء تلك القطاعات من الضرائب.
وأثنى الديري على جهود المملكة في جعل القطاعين التعليمي والصحي عبر السنين بشكل مجاني، وهذا مايميزها عن بقية الدول، متمنيًا ألا تطبق تلك الضرائب على تلك القطاعات الأساسية والمهمة، فإذا تأثرت هذه القطاعات فستتأثر الكثير من القطاعات الأخرى إذ هي سلسلة مرتبطة ببعضها بعضا.
ومن الجانب الآخر، يقع الدور على الجهاز الرقابي والتشريعي، إذ يجب على النواب أن يقوموا بدورهم في هذا الجانب، ولا نغفل دور بقية الجهات والمؤسسات ذات الصلة. هذا ما شدد عليه رئيس مجلس إدارة جمعية المؤسسات المتوسطة والصغيرة، مؤكدًا أن البحرين تمر بمرحلة تحول، فكل عملية تغيير يجب أن تخضع لموازين دقيقة، بسلسلة من الإجراءات التي تتخذها الحكومة بالتعاون مع الجهاز التشريعي.
وتساءل الديري مبديًا استغرابه، هل نحن مستعدون لتطبيق هذه الضريبة في يناير المقبل؟ وللتو أعلنت الحكومة تعاقدها مع إحدى الشركات المتخصصة بالضريبة حتى تبني لها هيكلاً استشاريًا، فإذا كانت قد تعاقدت للتو، وأن البرلمان حتى الآن لم يتشكل، وإلى ان يتشكل البرلمان في نوفمبر، ويعقد أولى جلساته في ديسمبر، ويناقش ذلك.. فهل بالإمكان أن يتم تطبيق هذه الضريبة في البحرين يناير القادم؟!
ودعا الديري جميع الجهات المعنية التي لم تستوعب تبعات هذه الضريبة، التي ستشكل عبئا لا يستهان به على جيب المواطن، وبالتالي يجب أن تؤخذ الأمور بعين الاعتبار، متيقنًا بدور الحكومة التي ستفرد طاقاتها لتهيئة البحرين لذلك.
5 سنوات على الأقل!
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس إدارة جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية، المهندس عبدالرحيم فخرو، أن ضريبة القيمة المضافة قادمة وأنها لا بد أن تكون حتى يتم تنظيم مدخلات الاقتصاد ومخرجاته.
وأضاف فخرو، نحن جمعية نرحب بالتغيير الايجابي في بناء الاقتصاد البحريني، وندعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبما أنه نظام جديد لم يطبق في البحرين من السابق، هناك الكثير من الأسئلة التي تطرح حول هذا الموضوع، لذلك عقدنا هذه الورشة حتى يتم توضيح معالم تلك الضريبة.
وتهدف الورشة إلى نقل المعرفة والتوعية الى المهتمين وأصحاب الاعمال حتى يعرفوا ما المطلوب منهم، مشيرًا الى دعمهم للتوجه الحكومي من اجل تطبيق هذا القرار وإنجاحه. وتوقع فخرو أن البحرين تحتاج إلى وقت حتى يتم استيعاب الضريبة المضافة، ولكن تم قطع مرحلة لا بأس بها لسن القوانين التي تناسب اقتصاد مملكة البحرين.
وعن البدء والشروع في تطبيق القرار، قال فخرو، سنحتاج إلى 5 سنوات حتى يصل القرار التى مرحلة من النضوج والاستقرار، إنما التطبيق سوف يكون من اليوم الأول، فبحسب التجربة الإماراتية والسعودية فقد تم إطراء الكثير من التغييرات على القرار منذ يوم تطبيقه، فإلى أن تصل إلى مرحلة من الاستقرار سنحتاج على الأقل إلى 5 سنوات.
المستهلك هو المتضرر الأكبر:
وعلى صعيد متصل، قال مساعد مدير استشارات الضريبة في شركة (كي بوينت)، منصور الوداعي، ان ضريبة القيمة المضافة دائمًا يتحملها المستهلك النهائي وليست الشركات، نعم هناك تأثير محدود على بعض الشركات، ولكنها مجرد وسيط بين المصدر والمستهلك.
وأضاف الوداعي، هناك بعض القطاعات التي لها علاقة بخدمات معفاة سوف يتحملون تلك الضريبة، مثل فوائد القروض البنكية، وتأجير العقار السكني، والتأمين على الحياة، فأي شركة توفر تلك الخدمات سيشكل عليها عبئًا كبيرًا.
وفيما يخص الشركات التي تتعامل بالبيع والشراء، فهي في الغالب لن تتأثر، لأنها سوف تحصل على الفائدة من المستهلك الذي يعتبر المتضرر الأكبر. أما الشركات الملزمة بتقديم إقرارات ضريبية، وذلك لأن بعض الشركات تكون هي المستهلك النهائي، مثل المنتجات الترفيهية، أو للاستهلاك الشخصي.
ولفت الوداعي الى أن المستهلك المتضرر إذا كان يصرف شهريًا 1000 دينار مثلاً، سيضيف عليها 50 دينارا ضريبة، وهناك بعض المنتجات الخاضعة لنسبة 0% ولم تتم حتى الآن توضيحها من قبل الجهات المعنية، وحتى الآن لم يحدد وقت لتطبيق الضريبة، ونحن كشركة استشارات نسأل نفس السؤال.
وعما إذا كانت الشركات البحرينية مهيأة لقرار الضريبة المضافة، أشار الوداعي إلى أن تطبيق القرار ليس سهلاً، ولكنه ليس صعبًا أيضًا، لأن من جهة الشركة لن تتحمل الكلفة، ولكن من جهة سوف تلتزم بتقديم تقارير ضريبية، فيجب أن تكون جاهزة بنسبة 100%.
أين ستذهب الأموال؟:
أما عضو مجلس إدارة جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية، علي حسن لاري، فقد أشار إلى أن التأثير لن يكون على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بقدر ما سيكون على المستهلك، فهو من سيتحمل قيمة الضريبة.
وأضاف لاري، أنه خلال سنة أو سنتين من تطبيق ضريبة القيمة المضافة، سيؤدي ذلك إلى ضعف القوة الشرائية إلى أن يعتاد المستهلك على الضريبة ويحتويها. مؤكدًا أن ضريبة القيمة المضافة لها مميزاتها وعيوبها، حيث إن من مميزاتها أن المستهلك سوف يتحكم في ميزانيته بشكل أكثر، حيث لن يهدر ميزانيته في الكماليات والسلع التي لا يحتاج إليها.
ومن المعروف أن المبلغ الذي يتم حصده من الضرائب، يتم استثماره في البنية التحتية للدولة، وفي الخدمات المقدمة للمواطن بنفسه، فهل سيتم ذلك في البحرين كذلك؟ وما آلية صرف تلك المبالغ التي ستحصد من قرار ضريبة القيمة المضافة؟